النظرية النحوية في ضوء مدرسة السياق

Abstract

ليست هذه المباحثة مما يعنى بالوقوف عند جزئيات النظرية النحوية، بل تترسم قصدا مبتغاه تلمس أنظار من التفاتات القدماء المعجبة إلى فضل السياق في الإبانة عن مقاصد الكلم ورسوم التعبير، والحق أن أئمة النظرية النحوية العربية كانوا يفزعون إلى سياق الحال الذي يفعل في تشكيل المعنى، أو ترجيح واحد، أو نفي آخر، ومن ذلك التفاتتهم إلى لغة الجسم والوجه والشمائل، واستشراف المسكوت عنه من المنطوق به، وطبقة المتكلم الاجتماعية، والقرائن السياقية الهادية إلى المتعين، ولعل هذا كله يفضي إلى التقرير بأن النظرية النحوية لم تكن محض قوالب جامدة كما زُعِم أو يُزعَم، أو تراكيب منفصمة عن ملابسات الحال والأنظار الخارجية، وليس ينكر الباحث، من وجهة أخرى، أن النحو العربي قد اعتراه شيء من التنميط والقالبية، ولكن هذا لم يؤد إلى حصر المعنى في تلكم التراكيب، فقد التمس النحويون معاني قد سُكِت عنها مما نُطِق به، أو معانيَ لو حُملت على ظاهر أمرها لكان المعنى المتعين منها بالضد، كل ذلك مرده إلى التنبه للدرس اللغوي الاجتماعي، وإلى أن هذه اللغة، أو تلكم التراكيب، لها سياق اجتماعي يلفها، فكان في النظرية النحوية محتكما رئيسا من محتكمات تعيين المعنى.