اللبس التركيبي في اللغة العربية : المواضع و النماذج

Abstract

لعلّه يحسن أنْ أشرعَ في الخوضِ في ثلاثة مطالبَ أعدّها من المقرَّرِ المُسْتَحْكِم ، وأوّلها أنّ ظاهرة اللّبس تتجلّى في مستويات اللّغة المتباينة ، كاللّبس الواقع في المستوى الصوتيّ ، والصرفيّ ، والتركيبيّ ، والمعجميّ ، و الأسلوبيّ . وثانيها أنّ اللّبس ظاهرةٌ لغويّة عامّة ليست العربيّة بِدَعا بين اللّغات في هذه الظّاهرة ، وهذا يعيدنا ثانيةً إلى استرفاد أنظار "تشومسكي" المعجِبةِ القائلة "بالعموميّات اللّغويّة" ، فليست ثمّة لغة تخلو منها. وثالثها التّفريق بين مصطلحين يتداخلان في يومنا هذا ، وهما اللّبس والغموض ؛ إذ ليس كلّ غموضٍ لَبسا ، فاللّبس معناه تعدُّد المعاني ، وانتفاءُ الوقوف على أحدهما على وجه التّعيين ، مثل "مخُتار" في اللّبس الصّرفيّ التي تحتملُ معنى الفاعليّة والمفعوليّة ، و"ضَرْب الوالدَين" في اللّبس التّركيبيّ ، و"العَيْن" في اللّبس المعجميّ ، فانتفاءُ عهدنا بمعنى كلمةٍ ما هو غموض ، وأحسبُ أنّ الدّائرة الدِّلاليّة التي تتربّع عليها كلمةُ الغموض أوسعُ مِن دائرة دِلالة اللّبس ، فاللّبس يدور في فلكِ الاحتمال ، وتعدّدِ المعاني ، والافتراق عن مَقْصِد الكلام ، وقد يتجلّى ذلك في الأنماط المُتَخلِّقةِ مِن التّصويتِ والتّصريفِ والتّركيب والمعجم والأسلوبِ . أمّا الغموض فهو يلتقي مع اللّبس ؛ ذلك أنّ كلّ لبس هو غموض ، وليس كلّ غموضٍ لبساً ؛ فقد يكون الغموضُ آتياً مِن غرابةِ الكلمة المعجميّة ، أو مِن بعضِ التّراكيبِ غير الملبسة.