المشترك الصرفي في القرآن الكريم دراسة استشرافية و دلالية

Abstract

كانَ مِن الباحثِ قَبْلاً أنْ عَرّجَ على ظاهرةِ المُشترَكِ الصّرفيِّ في مُباحثةٍ ارْتَضى لَها عنوانَ "ظاهِرةُ تَعدّدِ المَعاني الصّرْفِيَّةِ في العَرَبِيَّةِ: المَواضِعِ وَالبَواعِثِ"( )، والحقُّ أنّها كانتْ في وجهتِها البَحثيّةِ تَعريفيّةً بِهذه الظّاهرةِ، واستِشرافيّةً لِمَواضعِها مِن جهةٍ ثانيةٍ، وتحليليّةً لِبَواعِثِها مِن جهةٍ ثالثةٍ، ولعلّها اتّسَمتْ بِالعُمومِ في الصّورةِ التي خَرجَتْ عَلَيْها، وقَدْ قامَ في نَفسِ الباحثِ بَعْدًا خاطرٌ مُؤَدّاه أنْ يُخصِّصَ دَرسَ هذِه الظّاهرةِ عَلى التّنزيلِ العَزيزِ، فَكانتْ هذهِ المُباحثةُ استجابةً لِذلكَ الخاطِرِ القائِمِ في النّفْسِ أوّلاً، وتَحقيقًا لِتوصيةٍ مِن التّوصِياتِ التي قَفلَ بِها الباحثُ مُباحثتَه تلكَ ثانيًا، وتَخْصيصًا لَها في مِضْمارٍ قائِمٍ بِرأسِه ثالثًا؛ ذلكَ أنّ الباعثَ الذي أفْضى إلى المباحثةِ الأولى كانَ شاهِدًا شَريفًا مِن شواهدِ التّنزيلِ العزيزِ، فَقَدِ اعْتَرضَ الباحثَ، إذْ كانَ مُحاضرًا في طلاّبِهِ، طالِبٌ نابِهٌ مُسائِلاً عَنِ المَعْنى الصَّرفِيِّ المَرْكوزِ في كَلِمَةِ "مَوْعِدٍ" في سِياقِها القُرْآنِيِّ الشَّريفِ: "فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ"( )، وَالحَقُّ أنَّه ألقى حُكْمَه جُزافًا وَقتَها، وَبَعدَ إِجالَةِ النَّظَرِ وَالتّدبّرِ فيما قيلَ فيها تَقرَّرَ أنَّها صيغَةٌ صَرْفِيَّةٌ وَزنُها "مَفْعِل"، وَأنّها حَمّالَةٌ لِثَلاثةِ مَعانٍ صَرْفِيَّةٍ في سِياقِها ذاكَ، أوّلُها المَصدَرُ، وَيَعضدُ هذا قَولُهُ- تَنَزّهَ-:"لا نُخْلفُه نَحن ولا أنت"، وَثانيها اسمُ الزَّمانِ، وَيَعضدُهُ: "قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةَِ"( )، وَثالثُها اسمُ المَكانِ، وَيَعضدُهُ: "مَكاناً سُوى"( )، فَهيَ، أعني صيغةَ "مَفْعِل"، بِناءً عَلى المُتقدِّمِ وَصفُهُ، مُشتَرَكٌ صَرفِيٌّ تَكادُ تُشبِهُ مِنْ وُجوهٍ كَلِمَةَ "العَيْن" الحَمّالَة لِمَعانٍ مُتبايِنةٍ، كَعَينِ الماءِ، وَالجاسوسِ، وَالنَّقْدِ، وَالعَينِ مِنَ الرِّجالِ، وَالمَلْمَحُ الفَرّاقُ بَينَهما أنَّ ظاهِرةَ المُشْتَرَكِ الصَرْفِيِّ مِضمارُها البِنْيَةُ الصَّرْفِيَّةُ المُنتسِبةُ إِلى المُسْتَوى الصَّرفِيِّ خاصّةً، وَأنَّ ظاهِرةَ المُشترَكِ اللَّفظِيِّ مِضْمارُها الكَلِماتُ المُعْجَمِيّةُ.