إرشاد الطالبين إلى مراتب العلماء العاملين

Abstract

أمّا قيمةُ هذا المَخطوطِ العِلميّةُ فَصَفوةُ المُستخلَصِ مِنها أنّها تَتردّدُ بَينَ ثَلاثِ شُعبٍ مُتباينةٍ، أوّلُها لغويّةٌ تَجلّتْ في أنّ هذا الكتابَ مَصدرٌ أصيلٌ مِن مصادرِ مُصطلحاتِ علومِ التّصوّفِ الرّمزيّةِ، والمَجازيّةِ، والحَقيقيّةِ، وَثانيها تَأديبِيّةٌ تَجلّتْ في إِثباتِ الشّعرانيِّ طائفةً مِن الوَصايا وَالتّعاليمِ لِطالبِ العِلْمِ، وثالثُها ذَوقيّةٌ تَحليليّةٌ تجلّتْ في التفاتةِ الشّعرانيِّ إِلى سَببِ مَشروعيّةِ التّكاليفِ السّماوِيّةِ، وتَحليلِ ذلكَ تَحليلاً ذَوقيًّا دالاًّ عَلى أنظارٍ لَطيفةٍ مُعْجِبةٍ سَآتي على بَيانِها في مُقدّمةِ التَّحقيقِ.

والحقُّ أنّ هذا الكتابَ في جزءٍ منهُ، وأخصُّ بابَ "علوم القَومِ"، وَعرُ المَسْلكِ، مُعتاصُ الدّلالةِ، مُستحيلُ الفَحوى أحيانًا، وَقَدْ أفْضى ذلكَ إِلى إِشكالٍ في التّواصلِ، وصُعوبةٍ في التّلقّي، وَقدْ تخلّقَ ذلكَ مِنْ ثَلاثةِ مَلاحظَ: أوّلُها: لغويٌّ دِلاليٌّ؛ ذلكَ أنّه كِتابٌ مَحشوٌّ بِالمُصطلَحاتِ وَأسماءِ عُلومِهم، وَثانيها مَنهجيٌّ؛ ذلكَ أنّ الشّعرانِيَّ جَنحَ إِلى الاختِصارِ وَسردِ أسْماءِ العُلومِ سَردًا لا يُجلّيهِ شَرحٌ، أوْ يَعقبُهُ تَوضيحٌ، وثالثُها خُصوصيّةُ هذا العِلمِ المُنْداحِ الذي حاولَ الشّعرانيُّ أنْ يَرسمَ حُدودَه المُمتدّةَ بِكلماتٍ مُقيّدةٍ، وَلعلّي غيرُ مُبالغٍ، أوْ ذاهبٍ مَذهبَ شَططٍ وَتعسّفٍ إنْ قلتُ: إنَّ طَيَّ مِثلِ هذا عَن كثيرٍ ألْزمُ وأقْومُ وأسْلمُ.